يذكر أنه لمَّا حاصر سيدنا خالد بن الوليد رضى الله عنه مدينة دمشق إحدى القلاع العظمى للروم في تلك الفترة,وقد إشتدَ الحصار على المدينة كي تستسلم ومضى عليه أكثر من شهر ولم يتغير شيء على أرض الواقع,حدث أمر غريب يسره الله للمسلمين كي يكون عوناً لهم على النصر بعد أن قاربوا على فقد الأمل.
الحادثه أنه جاء رجل من الروم وقد خرج من حصن دمشق وقلاعها ويُدعى “يونان”,هذا الرجل كان يُحب فتاة من الروم وكانت جميلة جداً وأراد خِطبتها لكنَّ زعيم الروم في تلك الفترة وكان إسمه “نسطورس” رفض هذا الزواج, وبقي “العاشق يونان”
كما كان يدعوه المسلمون آنذاك- متحيراً في أمره,حتى خَطرت بباله فكرة اللجوء الى سيدنا خالد بن الوليد رضى الله عنه,وقد قصَّ عليه قِصته بحب هذه الفتاة,وسمع منه سيدنا خالد بن الوليد رضى الله عنه ووعده أن يزوجه الفتاة بشرطين,الاول أن يُسلم والثاني أن يساعد المسلمون في إقتحام أسوار دمشق,ولما أحسَ يونان الصدق في كلام سيدنا خالد وافق على الفور علّهُ يتزوج من محبوبته,ونطق بالشهادتين وأخبر سيدنا خالد بأنه إن أراد أن يقتحمَ دمشق فالليلة هي أفضل الاوقات,فقائد الروم يُعدُ لحفلٍ ساهرٍ فيه من السُكر والرقص الكثير,وسيكون القادة والجنود في سكرٍ ورقص الى الصبح وقد دَلهُ على أماكن الحراس القلائل الذين سيتخلفون عن الحفل,وقد إقتنع سيدنا خالد بالفكرة ولأن الوقت ضيق وليس هناك مجالٌ لإخبار بقية الجند من المسلمين الذين كانوا يحاصرون دمشق من كلُ جهة,قرر أن يدخل دمشق من جهته وحده مع نخبة من عسكر المسلمين,
وقد ربط السلالم والحبال على الاسوار وصعدت نخبة من المقاتلين المسلمين الى أسوار دمشق ووجدوا ما قد أخبرهم به يونان من سهر وسكر وقِلة في الحرس,فقتلوا ما وجدوا أمامهم وهموا الى الباب من جهة سيدنا خالد وفتحوه,ودخل سيدنا خالد الباب ونشبت معركة كبيرة عنده وفي داخل المدينة,وبدأ سيدنا خالد يتقدم في المعركة الى وسط دمشق,
عندها أحس الروم بالغلبة للمسلمين وأنهم مهزومون والقتل مصيرهم فهَمَّ قائدهم لطلب الصلح مع سيدنا ابو عبيدة عامر بن الجراح الذي لم يكن يعلمُ بتحرك خالد لانه على جهة اخرى من المدينة,وفعلاً وافق سيدنا ابو عبيدة على الصلح على أن يخرج الروم من المدينة احياء أو يدفعوا الجزية إن بقوا فيها,ودخل سيدنا ابو عبيدة المدينة مصالحاً وفي الجهة الاخرى سيدنا خالد يدخلها محارباً وكلٌ لا يعلمُ بفعلِ الآخر,وعندما إلتقيا إستغرب كلٌ لفعل الآخر ودار جدال حتى أقرَ سيدنا خالد بصلحِ سيدنا ابو عبيدة عامر بن الجراح رضى الله عنهما مع الروم,وكان الصلح يقتدي بأن يخرج الروم خلال ثلاث ايام من المدينة ليس معهم الا سلاحهم الفردي وبعد الثلاث ايام لا عهدَ معهم ولا صلح,وقد خَسرَ المسلمون غنائم الروم لأن الصلح يقتدى ذلك.
“العاشق يونان” توجهة الى محبوبته يخطبها ولما عرفت أنه أسلم رفضت الزواج منه وخرجت مع جيش الروم الى خارج دمشق الى أقرب حصون الروم في تلك المنطقة,عندها جُنَ جنون يونان على حبيبته وتوجهة الى سيدنا خالد يطلب منه أن يوقف الصلح أو أن يهاجم الروم ويخطف له حبيبته فرفض سيدنا خالد ذلك وقال له بأن بيننا وبين الروم صلح لا ننقضه,
وظل يُلحُ على سيدنا خالد رضى الله عنه بالامر وسيدنا خالد يرفض ذلك,فأشار عليه أن يلحق بهم بعد الثلاث ايام ويأخد غنيمتهم وينتقم منهم لكن سيدنا خالد أخبره أن بعد الايام الثلاث هذه سيكون الروم قد وصلوا مواطن حصونهم وسيكون الامر صعباً,فأخبره يونان بأنه يعرف طريق مختصرة توصله اليهم قبل وصولهم الحصون,عندها إقنتع سيدنا خالد بهذه الخطة ووافق يونان على رأيه,وخرج بجيش صغير من 5 الآف مقاتل ومضوا في طريق وعرة,وفعلاً وصلوا الى افواج جيش الروم الخارج من دمشق قبل وصولهم الى حصونهم المركزية ودار قتال عنيف بين جيش صغير من المسلمين مع جيش كبير من الروم,لكن التعب وقلة سلاح الروم كانت عوامل هزيمة لهم وفعلا هزمهم سيدنا خالد وأخذ غنائمهم التي أخذوها معهم من دمشق والتي كانت كبيرة وعظيمة.
يونان توجهة مباشرة الى حبيبته لكنها لما علمت أن يونان ساعد المسلمين على ما حدث,قتلت نفسها حتى لا تتزوجه,وكانت هذه خاتمة حٌبٍ يسره الله للمسلمين كي يُفتح به دمشق.
*هذه القصة ورد على لسان الدكتور طارق سويدان في برنامجه “سيرة خالد بن الوليد رضى الله عنه”.
وقد حدث الدكتور سويدان أن القصص والتاريخ يقول بأن يونان حَسُنَ إسلامه وقاتل مع المسلمين حتى لقي الله شهيداً في معركة اليرموك.
رحم الله سيدنا خالد بن الوليد..ورحم الله العاشق يونان ..صاحب الحب الذي فتح دمشق.